الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
قدمه على خيار العيب لأنه يمنع تمام الحكم وذاك يمنع لزومه واللزوم بعد التمام والرد بخيار الرؤية فسخ قبل القبض وبعده، لا يحتاج إلى قضاء ولا رضا البائع وينفسخ بقوله رددت إلا أنه لا يصح الرد إلا بعلم البائع خلافا للثاني وهو يثبت حكما لا بالشرط، ولا يتوقت، ولا يمنع وقوع الملك للمشتري؛ حتى لو تصرف فيه جاز تصرفه وبطل خياره ولزمه الثمن، وكذا لو هلك في يده أو صار إلى حال لا يملك فسخه بطل خياره كذا في السراج بحر. (قوله: من إضافة المسبب إلى السبب) الذي ذكر في الفتح والبحر أن الرؤية شرط ثبوت الخيار، وعدم الرؤية هو السبب لثبوت الخيار عند الرؤية. ا هـ. (قوله: ظاهر) كذا في أغلب النسخ، ولا يناسبه التعليل بعده، وفي بعض النسخ ظاهر البطلان، وفي بعضها غير ظاهر، وبه عبر في الدر المنتقى، وعزاه مع التعليل بعده البهنسي. (قوله: لما سيجيء إلخ) يعني والشيء لا يثبت قبل شرطه. وفيه أن هذا يرد أيضا على ما ذكره؛ لأن المسبب لا يتقدم على سببه، وسيأتي جوابه قريبا، وهو أنه بسبب آخر. وبيانه كما قال ح أن حق الفسخ قبلها ليس في نتائج ثبوت الخيار له، بل بحكم أنه عقد غير لازم؛ لأنه لم يقع منبرما فجاز فسخه لضعف فيه كما حققه في العناية، وسيذكره الشارح. ا هـ. (قوله: في أربعة مواضع) أي لا غيرها كما في الفتح. (قوله: الشراء للأعيان) أي اللازم تعيينها، ولا تثبت دينا في الذمة، والمراد الشراء الصحيح، لما في البحر عن جامع الفصولين أن خيار الرؤية وخيار العيب لا يثبتان في البيع الفاسد. ا هـ. أي لوجوب فسخه بدونهما. (قوله: والقسمة) في الشرنبلالية عن العيون أن قسمة الأجناس المختلفة يثبت فيها الخيارات الثلاث: خيار الشرط والعيب والرؤية، وقسمة ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات يثبت فيها خيار العيب فقط، وقسمة غير المثليات كالثياب من نوع واحد، والبقر والغنم يثبت فيها خيار العيب؛ وكذا الشرط والرؤية على رواية أبي سليمان، وهو الصحيح وعليه الفتوى، وعلى رواية أبي حفص لا. ا هـ. (قوله: فليس في ديون ونقود) في بعض النسخ في ديون القود، وفي بعضها في دين العقود، والأولى أولى وعطف النقود على الديون من عطف الخاص على العام. قال: في الفتح: وعرف من هذا: أي قصره على المواضع الأربعة أنه لا يكون في الديون، فلا يكون في المسلم فيه ولا في الأثمان الخالصة: أي كالدراهم والدنانير، بخلاف ما إذا كان المبيع إناء من أحد النقدين فإن فيه الخيار ا هـ. قال: في البحر: وأما رأس مال السلم إذا كان عينا فإنه يثبت الخيار فيه للمسلم إليه. (قوله: وعقود لا تنفسخ) قال: في الفتح: ومحله كل ما كان في عقد ينفسخ بالفسخ، لا فيما لا ينفسخ كالمهر وبدل الصلح عن القصاص وبدل الخلع وإن كانت أعيانا؛ لأنه لا يفيد فيها؛ لأن الرد لما لم يوجب الانفساخ بقي العقد قائما، وقيامه يوجب المطالبة بالعين لا بما يقابلها من القيمة، فلو كان له أن يرده كان له أن يرده أبدا. (قوله: لما لم يرياه) أي العاقدان. قال: في البحر: أراد بما لم يره ما لم يره وقت العقد ولا قبله، والمراد بالرؤية العلم بالمقصود من باب عموم المجاز فصارت الرؤية من أفراد المعنى المجازي، فيشمل ما إذا كان المبيع مما يعرف بالشم كالمسك، وما اشتراه بعد رؤيته فوجده متغيرا، وما اشتراه الأعمى. وفي القنية: اشترى ما يذاق فذاقه ليلا ولم يره سقط خياره. ا هـ. (قوله: أي المبيع) أي الذي لم يرياه بأن كان مستورا. (قوله: فلو لم يشر إلى ذلك إلخ) عبارة الفتح هكذا: وفي المبسوط الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز، فلو لم يشر إليه ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع هـ. لكن إطلاق الكتاب يقتضي جواز البيع، سواء سمى جنس المبيع أو لا، وسواء أشار إلى مكانه أو إليه وهو حاضر مستور أو لا، مثل أن يقول بعت منك ما في كمي، بل عامة المشايخ قالوا: إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده، وطائفة قالوا لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه. والظاهر أن المراد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة وغيره كصاحب الإسراء والذخيرة لبعد القول بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا، كأن يقول بعتك شيئا بعشرة. ا هـ. كلام الفتح وحاصله التوفيق بين ما قاله عامة المشايخ وما قاله بعضهم بحمل إطلاق الجواب على ما قاله شمس الأئمة وغيره من لزوم الإشارة إليه أو إلى مكانه إذ لا يصح بيع ما لم يعلم جنسه أصلا: أي لا بوصف ولا بإشارة، ولذا قال: صاحب النهاية يعني شيئا مسمى موصوفا أو مشارا إليه أو إلى مكانه وليس فيه غيره بذلك الاسم. ا هـ. فأفاد أن لزوم الإشارة عند عدم تسمية الجنس والوصف، فالتسمية كافية عن الإشارة؛ حتى لو قال: بعتك كر حنطة بلدية بكذا والكر في ملكه من نوع واحد في موضع واحد جاز البيع وكذا الإضافة في مثل بعتك عبدي وليس له غيره وذكر الحدود في مثل بعتك الأرض الفلانية والمدار على نفي الجهالة الفاحشة ليصح البيع كما حققنا ذلك بما لا مزيد عليه أول البيوع عند قوله: وشرط لصحته معرفة قدر مبيع وثمن، فتذكره بالمراجعة فإنه ينفعك هنا، وبهذا التقرير سقط ما في الحواشي السعدية من قوله: أقول: في كون الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه شرط الجواز، سيما بالإجماع. كلام فليتأمل. ا هـ. لما علمت من أن الإشارة ليست شرطا دائما بل عند عدم معرف آخر يرفع الجهالة فافهم. (قوله: وفي حاشية أخي زاده) أي حاشيته على صدر الشريعة. قال في المنح وفي حاشية أخي زاده ذكر هذا البحث، ثم قال: وقال عامة مشايخنا: إطلاق الجواب يدل على جوازه وهو الأصح. وقال بعضهم: لا يجوز وصحح، يؤيده ما في جامع الفصولين من الفصل الثالث يشترط كون المبيع حاضرا موجودا مهيأ مقدور التسليم، وما في المبسوط من أن الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز، حتى لو لم يشر إليه أو إلى مكانه لا يجوز بالإجماع. ا هـ. وفي العناية قال القدوري: من اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز، معناه أن يقول بعتك الثوب الذي في كمي هذا أو هذه الجارية المتنقبة، وكذلك العين الغائب المشار إلى مكانه، وليس في ذلك المكان بذلك الاسم غير ما سمى، والمكان معلوم باسمه والعين معلومة. قال: صاحب الإسرار: لأن كلامنا في عين هي بحالة لو كانت الرؤية حاصلة لكان البيع جائزا. ا هـ. ما في المنح ملخصا، ولا يخفى أن حاصله تقييد إطلاق الجواب بما قاله في المبسوط وغيره كما مر عن فتح القدير، وهو محمل إطلاق المتون كعبارة القدوري المذكورة. (قوله: أي للمشتري) كان ينبغي للمصنف التصريح به؛ لأنه لم يتقدم له ذكر مع إيهام عود الضمير للبائع وإن كان يرتفع بقوله الآتي ولا خيار لبائع. (قوله: إذا رآه) أي علم به كما قدمناه. (قوله: إلا إذا حمله البائع إلخ) في البحر عن جامع الفصولين: شراه وحمله البائع إلى بيت المشتري فرآه ليس له الرد؛ لأنه لو رده يحتاج إلى الحمل فيصير هذا كعيب حدث عند المشتري، ومؤنة رد المبيع بعيب أو بخيار شرط أو رؤية على المشتري، ولو شرى متاعا وحمله إلى موضع فله رده بعيب ورؤية لو رده إلى موضع العقد وإلا فلا. ا هـ. وظاهر أنه إنما يرده لو رده إلى موضع العقد فيما لو حمله المشتري بخلاف البائع، وهو خلاف ما نقله الشارح عن الأشباه. والذي يظهر " عدم الفرق وأن ما ذكره من قوله لأنه لو رده إلخ غير ظاهر، لأنه لا يناسبه قوله: بعده ومؤنة الرد على المشتري فافهم. ثم رأيت صاحب نور العين اعترض التعليل المذكور بما ذكرته، ثم إنه يستفاد من كلام الفصولين أن ما أنفقه البائع على تحميله إلى منزل المشتري لا يلزم المشتري إذا رد عليه المبيع إلى محل العقد؛ لأن البائع متبرع بما أنفقه لأن الواجب عليه التسليم في محل العقد دون التحميل، وبه يظهر جواب حادثة الفتوى اشترى حديدا لم يره وشرط على البائع تحميله إلى بلدة المشتري ثم رآه فلم يرض به وأراد فسخ البيع لخيار الرؤية أو بفساد العقد بسبب الشرط المذكور. والجواب أنه يلزمه تحميله إلى بلدة البائع ليرده عليه وإن كان الرد بسبب الفساد، لما صرح به في جامع الفصولين أيضا من أن مؤنة رد المبيع فاسدا بعد الفسخ على القابض. (قوله: وإن رضي بالقول قبله) قيد بالقول؛ لأنه لو أجازه بالفعل بأن تصرف فيه يزول خياره كما في الشرنبلالية عن شرح المجمع. (قوله: أي قبل أن يراه) أشار إلى أن الضمير المذكور في " قبله " عائد إلى المعنى المصدري لا إلى لفظ الرؤية المفهوم من قوله إذا رآه؛ لأنه مؤنث. تأمل. وأجاب في البحر بأنه ذكر الضمير للمعنى، أي لأن المراد من الرؤية العلم كما مر. (قوله: لأن خياره معلق بالرؤية بالنص) أي بحديث: «من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه»، قال: في الدرر: وفيه أن هذا استدلال بمفهوم الشرط ونحن لا نقول به. ا هـ. قلت: وجوابه أن الأصل في العقد اللزوم فلا يثبت الخيار إلا بدليله، والنص إنما أثبته عند الرؤية فيبقى ما وراءها على الأصل، فالحكم ثابت بدليل الأصل لا بمفهوم هذا الشرط. وهذا معنى قول الشارح ولا وجود للمعلق قبل الشرط. وقال في الفتح: والمعلق بالشرط عدم قبل وجوده والإسقاط لا يتحقق قبل الثبوت ا هـ. أي إذا كان الخيار معلقا بالرؤية كان عدما قبلها فلا يصح إسقاطه بالرضا فافهم. (قوله: لعدم لزوم البيع) بيان للفرق بين الفسخ والإجازة فإنها غير لازمة قبل الرؤية وهو لازم مع استوائهما في التعليق بالشرط في الحديث المار وذلك أن الفسخ له سبب آخر وعدم لزوم هذا العقد، وما لا يلزم فللمشتري فسخه ولم يثبت للإجازة سبب آخر فبقيت على العدم. وحاصله أنه غير لازم قبل الرؤية لجهالة المبيع، وإذا رآه حدث له سبب آخر لعدم لزومه وهو الرؤية ولا مانع من اجتماع الأسباب على مسبب واحد أفاده في البحر. (قوله: غير مؤقت بمدة) تفسير للإطلاق. (قوله: هو الأصح) وقيل: بوقت إمكان الفسخ بعد الرؤية، حتى لو تمكن منه ولم يفسخ سقط خياره بحر. (قوله: هو مبطل خيار الشرط) كتعيب في يده وتعذر رد بعضه وتصرف لا يفسخ كالإعتاق، وتوابعه، أو يوجب حق الغير كالبيع المطلق: أي عن شرط الخيار للبائع، والرهن، والإجارة قبل الرؤية وبعدها، وما لا يوجب حقا للغير بخيار أي للبائع، والمساومة، والهبة بلا تسليم بطل بعدها لا قبلها ملتقى. وفي جامع الفصولين: باع بخيار لا يبطل به خيار الرؤية إلا في رواية، وبخيار المشتري يبطل، وكذا لو باع بيعا فاسدا وهلك بعض المبيع عند المشتري بطل خياره؛ لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة، فإذا تعذر رد بعضه بهلاك أو عيب بطل خياره، ولو عرض بعضه بعد الرؤية على البيع أو قال: رضيت ببعضه بطل خياره وكذا خيار العيب، وكذا لو رآه فقبضه رسوله. ا هـ. قال: في نور العين ومسألة عرض بعضه على البيع ليست وفاقية لما في الخانية لو عرض بعضه على البيع بعد الرؤية بطل خياره عند محمد لا عند أبي يوسف ا هـ. قلت: صاحب الخانية يقدم الأشهر فتدبر. (قوله: مطلقا) أي قبل الرؤية وبعدها كما علمت. (قوله: ومفيد الرضا) نقل لعبارة الدرر بالمعنى؛ لأنه قال: ويبطله ما لا يوجب حق الغير كالبيع بالخيار والمساومة والهبة بلا تسليم بعد الرؤية لا قبلها؛ لأن هذه التصرفات لا تزيد على صريح الرضا، وهو إنما يبطله بعد الرؤية وأما التصرفات الأولى فهي أقوى؛ لأن بعضها لا يقبل الفسخ وبعضها أوجب حق الغير فلا يملك إبطاله. ا هـ. ثم اعلم أنه في الكنز اقتصر على قوله ويبطل بما يبطل به خيار الشرط، فأورد عليه في البحر: الأخذ بالشفعة والعرض على البيع، والبيع بخيار للبائع، والإجارة، والإسكان بلا أجر، والرضا بالمبيع قبل الرؤية فإنها تبطل خيار الشرط دون خيار الرؤية ا هـ. لكن الصواب إسقاط قوله " والإجارة " فإنها توجب حقا للغير، وقد علمت أن مسألة العرض خلافية. ثم إن ما أورده في البحر احترز عنه الشارح بقوله ومفيد الرضا بعد الرؤية لا قبلها، فإن هذه الأشياء لا تبطل خيار الرؤية قبل الرؤية؛ لأنها تفيد الرضا، وصريح الرضا قبلها لا يبطله، فلذا قال: بعد الرؤية لا قبلها لكن يبقى إيراد البحر واردا على قوله وهو مبطل خيار الشرط مطلقا فإن هذه الأشياء تبطل خيار الشرط، فيتوهم أنها تبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها مع أنها لا تبطله قبلها لما علمت، ولا يفيد قوله: ومفيد الرضا إلخ، لأن بعض ما يبطل خيار الشرط يفيد الرضا، كالعتق والبيع ونحوهما من التصرفات، ويبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها. [تنبيه] عد في البحر مما يبطل خيار الرؤية قبض المبيع ونقد الثمن بعد الرؤية. زاد في جامع الفصولين: وكذا لو رآه فقبضه رسوله. ا هـ. وحمله إلى بيت المشتري فإذا رآه ليس له رده ما لم يرده إلى موضع العقد كما مر بيانه، وكذا لو اشترى أرضا لم يرها وأعارها فزرعها المستعير، وكذا لو شرى عدل ثياب فلبس واحدا بطل خياره في الكل. ا هـ. (قوله: فله الأخذ بالشفعة إلخ) تفريع على قوله لا قبلها: أي إذا كان مفيد الرضا لا يبطل خيار الرؤية قبل الرؤية، فلو شرى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها فله أخذ الثانية بالشفعة، ولا يبطل خياره في الأولى حتى إذا رآها ولم يرض بها فله ردها بخيار الرؤية. (قوله: درر من خيار الشرط) وكذا ذكره الشارح هناك عن المعراج بقوله بخلاف خيار رؤية وعيب. [تنبيه] إنما عزا ذلك إلى الدرر من خيار الشرط مع أنه في الدرر ذكره في هذا الباب متنا بقوله كذا طلب الشفعة بما لم يره؛ لأنه جعله مبطلا لخيار الرؤية قبل الرؤية وهو غير صحيح. (قوله: خوف الغرر) أي غرر البائع بسبب اعتماده على شرائه فلا يطلب لسلعته مشتريا آخر ط. (قوله: ولا خيار لبائع ما لم يره في الأصح) بأن ورث عينا فباعها لا خيار له بالإجماع السكوتي در منتقى: أي وقع الحكم بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يرو عن أحد منهم خلافه فكان إجماعا سكوتيا كما بسطه في الفتح، وهو قول الإمام المرجوع إليه كما في البحر، وبه ظهر أن قوله في الأصح لا محل له لإيهامه أن مقابله صحيح مع أن ما رجع عنه المجتهد لم يبق قولا له في حكم المنسوخ. (قوله: وكفى رؤية ما يؤذن بالمقصود) لأن رؤية جميع المبيع غير مشروط لتعذره فيكتفى برؤية ما يدل على العلم بالمقصود هداية والمراد أن رؤية ذلك قبل الشراء كافية في سقوط خياره بعده لأنه قد اشترى ما رأى فلا خيار له، وليس المراد أنه لو اشترى قبل الرؤية ثم رأى ذلك يسقط خياره كما توهمه بعض الطلبة فاستشكله بأن خيار الرؤية غير مؤقت وأنه إذا رآه بعد الشراء لا يسقط إلا بقول أو فعل يدل على الرضا فكيف يسقط بمجرد رؤية ما يؤذن بالمقصود أفاده في النهر، ويشير إليه الشارح ولا شك أنه توهم ساقط وإلا لزم أن لا يثبت خيار الرؤية بعد الشراء إلا قبل الرؤية بعده ولا قائل به مع أن الرؤية بعد الشراء شرط ثبوت الخيار على ما مر. (قوله: كوجه صبرة) المراد بها ما لا تتفاوت آحاده. قال في الفتح: فإن دخل في البيع أشياء، فإن كانت الآحاد لا تتفاوت كالمكيل والموزون، وعلامته أن يعرض بالنموذج فيكتفى برؤية واحد منها في سقوط الخيار إلا إذا كان الباقي أردأ مما رأى فحينئذ يكون له الخيار: أي خيار العيب لا خيار الرؤية ذكره في الينابيع. وعلل في الكافي بأنه إنما رضي بالصفة التي رآها لا بغيرها، ومفاده أنه خيار الرؤية وهو مقتضى سوق كلام المصنف أي صاحب الهداية والتحقيق أنه خيار عيب إذا كان اختلاف الباقي يوصله إلى حد العيب، وخيار رؤية إذا كان لا يوصله إلى اسم المعيب بل الدون، وقد يجتمعان فيما إذا اشترى ما لم يره فلم يقبضه حتى ذكر له البائع به عيبا ثم أراه المبيع في الحال. ا هـ. وأقره في البحر. والحاصل أنه إذا كان الباقي أردأ مما رأى لا تكفي رؤية بعضه: أي لا يسقط بها الخيار مطلقا، وإنما يسقط بها خيار الرؤية فقط، ويبقى خيار العيب على ما في الينابيع أو يبقى معها خيار الرؤية على ما في الكافي والتحقيق التفصيل، وهو أنه إن كان الباقي معيبا يبقى الخياران وإلا فخيار الرؤية فقط. وبهذا التقرير سقط ما في النهر حيث قال: وعندي أن ما في الكافي هو التحقيق، وذلك أن هذه الرؤية إذا لم تكن كافية، فما الذي أسقط خيار رؤيته حتى انتقل منه إلى خيار العيب فتدبر.ه. ا هـ. وهذا اعتراض على ما في الينابيع. والجواب أنها قد أسقطت خيار الرؤية وإنما لم تكن كافية في لزوم المبيع؛ لأنه يبقى معها خيار العيب كما قررنا به كلام الينابيع وعلمت ما هو التحقيق. ثم قال في الفتح: ثم السقوط برؤية البعض إذا كان في وعاء واحد، فلو في أكثر فقيل: كذلك، وقيل: لا بد من رؤية كل وعاء والصحيح الأول؛ لأن رؤية البعض تعرف حال الباقي، هذا إذا ظهر أن ما في الوعاء الآخر مثله أو أجود، فلو أردأ فهو على خياره ا هـ. [تنبيه] قال في جامع الفصولين: فإن قال المشتري: لم أجد الباقي على تلك الصفة، وقال البائع هو على تلك الصفة فالقول للبائع والبينة للمشتري. ا هـ. ومثله في الخانية. ولا يخفى أن هذا إذا هلك النموذج الذي رآه وادعى المشتري مخالفة الباقي، أما لو كان موجودا فإنه يعرض على من له خبرة بذلك فيتضح الحال، لكن بقي شيء وهو أن هذا إنما يظهر لو كان المبيع حاضرا مستورا بكيس أو نحوه، أما لو كان غائبا وأحضر له البائع النموذج وهلك ثم أحضر له الباقي فادعى المشتري أنه ليس على الصفة التي رآها في النموذج فينبغي أن يكون القول للمشتري؛ لأنه منكر ضمنا كون ذلك هو المبيع، بخلاف ما إذا كان حاضرا لاتفاقهما على أنه المبيع وإنما الاختلاف في الصفة وبهذا ظهر أن ما بحثه الخير الرملي في حواشيه على الفصولين من أنه لو هلك النموذج فالقول للمشتري لإنكاره كون الباقي هو المبيع ضمنا، محمول على ما لو كان غائبا كما قلنا وإلا خالفه صريح المنقول كما علمت فاغتنم هذا التحرير. (قوله: ورقيق) أي ووجه رقيق أو أكثر كما في السراج عبدا كان أو أمة؛ لأن سائر الأعضاء في العبيد والإماء تبع للوجه، ولذا تفاوتت القيمة، إذا فرض تفاوت الوجه مع تساوي الأعضاء، ودل كلامه أنه لو نظر لسائر أعضائه غير الوجه لا يسقط خياره، وبه صرح في السراج نهر. ولا تشترط رؤية الكفين واللسان والأسنان والشعر عندنا بحر. (قوله: تركب) احتراز عن شاة اللحم أو القنية والبقرة الحلوب أو الناقة كمال النهر ويأتي حكمها. (قوله: وكفلها) أي مع كفلها بفتحتين بمعنى العجز، وأفاد أن رؤية القوائم غير شرط وهو الصحيح نهر. (قوله: في الأصح) هو قول أبي يوسف، واكتفى محمد برؤية الوجه نهر. (قوله: وظاهر ثوب مطوي إلخ) لأن البادي يعرف ما في الطي فلو شرط فتحه لتضرر البائع بتكسر ثوبه ونقصان بهجته، وبذلك ينقص ثمنه عليه إلا أن يكون له وجهان فلا بد من رؤيتهما، أو يكون في طيه ما يقصد بالرؤية كالعلم، قيل: هذا في عرفهم. أما في عرفنا فما لم ير باطن الثوب لا يسقط خياره؛ لأنه استقر اختلاف الباطن والظاهر في الثياب، وهو قول زفر. وفي المبسوط الجواب على ما قال: زفر فتح وبحر. قلت: ومقتضى التعليل الأخير أنه لو لم يختلف سقط الخيار إلا إذا ظهر باطنه أردأ من ظاهره فله الخيار على ما مر. وبقي شيء لم أر من نبه عليه، وهو ما لو كان المبيع أثوابا متعددة وهي من نمط واحد لا تختلف عادة بحيث يباع كل واحد منها بثمن متحد. ويظهر لي أنه يكفي رؤية ثوب منها إلا إذا ظهر الباقي أردأ وذلك؛ لأنها تباع بالنموذج في عادة التجار، فإذا كانت ألوانا مختلفة ينظرون من كل لون إلى ثوب واحد، بل قد يقطعون من كل لون قطعة قدر الأصبع ويلصقون القطع في ورقة، فيعلم حال جميع الأثواب برؤية هذه الورقة ويكون طول الثوب وعرضه معلوما فإذا وجدت الأثواب كلها على الحال المرئي والمعلوم بلا تفاوت بينها ينبغي أن يسقط خيار الرؤية، لأنها حينئذ تكون بمنزلة العددي المتقارب كالجوز والبيض، إذ لا شك أنه قد يحصل تفاوت بين جوزة وجوزة ولكنه يسير لا ينقص الثمن، فإذا كان نوع من الثياب على هذا الوجه لا يختلف ثوب منها عن ثوب اختلافا ينقص الثمن عادة كان كذلك ولا سيما إذا كانت الثياب من سدى واحد؛ لأنه داخل تحت قول الهداية وغيرها: إنه يكتفى برؤية ما يدل على العلم بالمقصود. وفي الزيلعي: لو كان أشياء لا تتفاوت آحاده كالمكيل والموزون، وعلامته أن يعرض بالنموذج يكتفى برؤية بعضه لجريان العادة بالاكتفاء بالبعض في الجنس الواحد ولوقوع العلم به بالباقي إلا إذا كان الباقي أردأ فله الخيار فيه وفيما رأى، وإن كان آحاده تتفاوت وهو الذي لا يباع بالنموذج كالثياب والدواب والعبيد فلا بد من رؤية كل واحد من أفراده؛ لأنه برؤية بعضها لا يقع العلم بالباقي للتفاوت. ا هـ. أي للتفاوت الفاحش بين عبد وعبد وثوب وثوب، لكنه جعل المناط في الفرق تفاوت الآحاد وعدمه وعرضه في العرف بالنموذج وعدمه فيدل على أنه لو كان نوع من الثياب لا تتفاوت آحاده، ويعرض بالنموذج في العادة كما قلنا فهو في حكم المكيل والموزون. وذكر في الهداية أنه يجوز السلم في المذروعات؛ لأنه يمكن ضبطها بذكر الذرع والصفة والصنعة لا في الحيوان؛ لأن فيه تفاوتا فاحشا في المالية باعتبار المعاني الباطنة فيفضي إلى المنازعة، بخلاف الثياب؛ لأنه مصنوع العباد فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد. ا هـ. ومراده أنهما يتفاوتان قليلا كما في الفتح أي بحيث لا يعتبر عادة ولا يفضي إلى المنازعة، فقد اغتفروا التفاوت اليسير في السلم الوارد على خلاف القياس؛ لأنه بيع معدوم، فينبغي أن يقال هنا كذلك، ولهذا اكتفي في العددي المتقارب برؤية البعض في الصحيح خلافا للكرخي، هذا ما ظهر لي بحثا. (قوله: وقال: زفر إلخ) قال في النهر: قيل: هذا قول زفر وهو الصحيح وعليه الفتوى، واكتفى الثلاثة برؤية خارجها وكذا برؤية صحنها والأصح أن هذا بناء على عادتهم في الكوفة أو بغداد فإن دورهم لم تكن متفاوتة إلا في الكبر والصغر وكونها جديدة أو لا، فأما في ديارنا فهي متفاوتة. قال الشارح الزيلعي: لأن بيوت الشتوية والصيفية والعلوية والسفلية مرافقها ومطابخها وسطوحها مختلفة فلا بد من رؤية ذلك كله في الأظهر. وفي الفتح: وهذا هو المعتبر في ديار مصر والشام والعراق، وبهذا عرف أن كون ما في الكتاب قول زفر كما ظنه بعضهم غير واقع موقعه؛ لأنه كان في زمانهم، ولم يكتف برؤية الخارج فكان مذهبه عدم الاكتفاء به مطلقا. ا هـ. كلام النهر. وحاصله أن أئمتنا الثلاثة اكتفوا برؤية خارج البيوت وصحن الدار لكونها غير متفاوتة في زمنهم وزفر كان في زمانهم وقد خالفهم، فعلم أنه قائل باشتراط رؤية داخلها وإن لم تتفاوت، وهذا خلاف ما صححوه من اشتراط رؤية داخلها في ديارنا لتفاوتها فيكون اختلاف عصر وزمان. أما خلاف زفر فهو اختلاف حجة وبرهان لا اختلاف عصر وزمان. (قوله: ومثله الكرم والبستان) فلا بد في البستان من رؤية ظاهره وباطنه، وفي الكرم لا بد من رؤية العنب من كل نوع شيئا، وفي الرمان لا بد من رؤية الحلو والحامض، وفي الثمار على رءوس الأشجار تعتبر رؤية جميعها، بخلاف الموضوعة على الأرض بحر. وذكر في فصل ما يدخل في البيع تبعا اشترى الثمار على رءوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية ا هـ. وهذا ينافي ما ذكره في الكرم، ولعله يفرق بين ما إذا اشترى الشجر بثمره فيكفي أن يرى من كل نوع شيئا وبين ما إذا اشترى الثمر مقصودا. فتأمل. (قوله: شاة قنية) هي التي تحبس في البيوت لأجل النتاج، من اقتنيته اتخذته لنفسي قنية أي للنسل لا للتجارة بحر، فقوله: للدر والنسل تفسير لها. (قوله: مع ضرعها) قال: في البحر بعد عزوه للظهيرية فليحفظ، فإن في بعض العبارات ما يوهم الاقتصار على رؤية ضرعها ا هـ. لكن في النهر الظاهر أنه لو اقتصر عليه كفاه كما جزم به غير واحد. (قوله: وشم مشموم) وفي دفوف المغازي لا بد من سماع صوتها لأن العلم بالشيء يقع باستعمال آلة إدراكه ولا يسقط خياره حتى يدركه زيلعي. (قوله: لوجود الحائل) فهو لم ير الدهن حقيقة. وفي التحفة: لو نظر في المرآة فرأى المبيع، قالوا لا يسقط خياره؛ لأنه ما رأى عينه بل مثاله. ولو اشترى سمكا في ماء يمكن أخذه بلا اصطياد فرآه فيه، قيل: يسقط خياره؛ لأنه رأى عين المبيع، وقيل: لا؛ لأنه لا يرى في الماء على حاله بل يرى أكبر مما كان فهذه الرؤية لا تعرف المبيع بحر. (قوله: وكفى رؤية وكيل قبض وشراء) فلا خيار له ولا لموكله وهذا لو بشراء شيء لا بعينه. ففي المعين: ليس للوكيل خيار رؤية، وإذا شرى ما رآه موكله ولم يعلم به الوكيل فله الخيار إذا لم يره كما في جامع الفصولين، واحترز عما لو وكله بالرؤية مقصودا وقال: إن رضيته فخذه لا يصح ولا تصير رؤيته: كرؤية موكله جامع الفصولين. قال في البحر: لأنها من المباحات لا تتوقف على توكيل إلا إذا فوض إليه الفسخ والإجازة لما في المحيط: وكله بالنظر إلى ما شراه ولم يره، إن رضي يلزم العقد، وإن لم يرض يفسخ يصح؛ لأنه جعل الرأي والنظر إليه فيصح كما لو فوض الفسخ والإجازة إليه في البيع بشرط الخيار. ا هـ. قال: في النهر: ودل كلامه أن رؤيته قبل التوكيل به لا أثر لها فلا يسقط بها الخيار كما في الفتح وغيره. (قوله: لا رؤية رسول المشتري) سواء كان رسولا بالقبض أو بالشراء زيلعي (قوله: وبيانه في الدرر) حيث قال: اعلم أن ههنا وكيلا بالشراء ووكيلا بالقبض ورسولا. وصورة التوكيل بالشراء أن يقول كن وكيلا عني بشراء كذا، وصورة التوكيل بالقبض أن يقول كن وكيلا عني بقبض ما اشتريته وما رأيته. وصورة الرسالة أن يقول كن رسولا عني بقبضه فرؤية الوكيل الأول تسقط الخيار بالإجماع، ورؤية الثاني تسقط عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا قبضه ناظرا إليه فحينئذ ليس له ولا للموكل أن يرد إلا بعيب. وأما إذا قبضه مستورا ثم رآه فأسقط الخيار فإنه لا يسقط؛ لأنه لما قبضه مستورا انتهى التوكيل بالقبض الناقص فلا يملك إسقاطه قصدا لصيرورته أجنبيا، وإن أرسل رسولا بقبضه فقبضه بعدما رآه فللمشتري أن يرده. وقالا: الوكيل بالقبض والرسول سواء في أن قبضهما بعد الرؤية لا يسقط خيار المشتري ا هـ. ح قال في الشرنبلالية: وفيه نظر لأنه لا خلاف في هذه الحالة، وما الخلاف إلا في نظر الوكيل بالقبض حالة قبضه لا في نظره السابق على قبضه ولا المتأخر عنه كما في التبيين. ا هـ. ط تنبيه]: نقل في البحر عن الفوائد أن صورة الرسالة أن يقول كن رسولا عني في قبضه أو أمرتك بقبضه أو أرسلتك لتقبضه أو قل لفلان أن يدفع المبيع إليك، وقيل: لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر، بأن قال: اقبض المبيع فلا يسقط الخيار ا هـ. وذكر في البحر من كتاب الوكالة عن البدائع أن الإيجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو افعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه. ا هـ. فهذا صريح في أن الأمر والإذن توكيل، لكن ذكر هناك عن الولوالجية ما يدل على أن الأمر توكيل إذا دل على إنابة المأمور مناب الآمر، وسيأتي تحريره هناك إن شاء الله - تعالى -، وكتبت هنا في تنقيح الحامدية بعض ذلك فراجعه. (قوله: ولغيره) كأن يكون وصيا أو وكيلا. مطلب: الأعمى كالبصير إلا في مسائل (قوله: إلا في اثنتي عشرة مسألة) قال: في الأشباه: وهو كالبصير إلا في مسائل منها لا جهاد عليه ولا جمعة ولا جماعة ولا حج وإن وجد قائدا، ولا يصلح للشهادة - مطلقا على المعتمد -، والقضاء والإمامة العظمى، ولا دية في عينه، وإنما الواجب الحكومة. وتكره إمامته إلا أن يكون أعلم القوم ولا يصح عتقه من كفارة ولم أر حكم ذبحه وصيده وحضانته ورؤيته لما اشتراه بالوصف، وينبغي أن يكره ذبحه. أما حضانته فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلا وإلا فلا، ويصلح ناظرا ووصيا. والثانية في منظومة ابن وهبان والأولى في أوقاف هلال كما في الإسعاف ا هـ. وقوله: ولا يصلح للشهادة مطلقا: أي ولو فيما تقبل فيه الشهادة بالتسامع، وقوله: ولا يصح عتقه مصدر مضاف لمفعوله أي أن يعتقه سيده عن كفارته، وقوله: ولم أر إلخ عبارته في البحر: ويكره ذبحه ولم أر حكم صيده ورميه واجتهاده في القبلة، وقوله: رؤيته لما اشتراه بالوصف رؤيته مبتدأ خبره قوله: بالوصف أي علمه بالمبيع المحتاج للرؤية بالوصف، وقوله: ويصلح ناظرا ووصيا ليس من المستثنيات؛ لأنه وافق فيه البصير (قوله: وسقط خياره بجس مبيع إلخ) محمول على ما إذا وجد منه الجس ونحوه قبل الشراء. وأما إذا اشترى قبل أن يوجد منه ذلك لا يسقط خياره بوجوده بل يثبت باتفاق الروايات ويمتد إلى أن يوجد منه ما يدل على الرضا من قول أو فعل في الصحيح شرنبلالية عن الزيلعي. (قوله: وكذا كل ما لا يعرف بجس إلخ) ظاهره أن ما يعرف بالجس ونحوه لا يكفي فيه الوصف وكذا عكسه وأنه لا يشترط اجتماع الوصف والجس، لكن في المعراج: وعن أبي يوسف اعتبار الوصف في غير العقار. وقال: أئمة بلخ: يمس الحيطان والأشجار. وعن محمد يعتبر اللمس في الثياب والحنطة، ثم قال: وبالجملة ما يقف به على صفة المبيع فهو المعتبر، فحينئذ لا تختلف هذه الروايات في المعنى لأن الخيار ثابت للأعمى لجهله بصفات المبيع فإذا زال ذلك بأي وجه كان يسقط خياره. ا هـ. [تنبيه] : في البحر عن البدائع: لا بد في الوصف للأعمى من كون المبيع على ما وصف له، ليكون في حقه بمنزلة الرؤية في حق البصير. (قوله: أو بنظر وكيله) أي وكيل الشراء أو القبض لا وكيل النظر إلا إذا فوض إليه الفسخ والإجازة على ما مر. (قوله: بعد ذلك) أي الجس ونحوه أو الوصف أو نظر الوكيل. (قوله: فلا خيار له) لأنه قد سقط فلا يعود إلا بسبب جديد، ولو اشترى البصير ثم عمي انتقل الخيار إلى الوصف بحر. (قوله: لا أنها) أي الرؤية بهذه المذكورات. (قوله: كما غلط فيه بعضهم) أي بعض الطلبة وقدمنا بيانه. (قوله: أو يتعيب) بالجزم عطفا على مدخول لم وهو يوجد لا على " قول "؛ لأن التعيب والهلاك ليسا من المشتري ألبتة، وإنما امتنع الرد بهلاك البعض؛ لأنه يلزم عليه تفريق الصفقة كما يأتي. (قوله: ولو قبل الرؤية) مبالغة على قوله أو يتعيب أو يهلك بعضه وأما الفعل فمنه ما يسقط بعد الرؤية فقط ومنه ما يسقط مطلقا ومر بيانه. (قوله: ولا عيب) لم يذكره في النهر، بل في البحر عن الولوالجية: وبه سقط ما بحثه الحموي في شرحه أنه لو وجده بعد إخراجه منقطع الرائحة فالظاهر أن له رده بخيار العيب؛ لأنه بحث مخالف للمنقول بل وللمعقول، إذ كيف يسوغ الرد بعد حدوث عيب جديد. (قوله: يدخل عليه عيبا ظاهرا) حتى لو لم يدخل كان له أن يرد بخيار العيب والرؤية جميعا بحر. (قوله: لتفريق الصفقة) يأتي بيانه. واستفيد منه أنه لو رآهما فرضي بأحدهما أنه لا يرد الآخر بحر. (قوله: قاصدا لشرائه عند رؤيته) فلو قصد شراءه ثم رآه لكنه عندها لم يقصد الشراء ثم شراه يثبت له الخيار للعلة المذكورة ط. (قوله: قال: المصنف إلخ) قال: الخير الرملي: هو خلاف الظاهر من الرواية، وقد ذكره في جامع الفصولين أيضا بصيغة، قيل: وهي صيغة التمريض فكيف يعول عليه في متنه والمتون موضوعة لما هو الصحيح من المذهب. تأمل. ا هـ. وكذا رده المقدسي بأنه مناف لإطلاقاتهم. (قوله: فلو لم يعلم به) كأن رأى جارية ثم اشترى جارية متنقبة لا يعلم أنها التي كان رآها ثم ظهرت إياها، فإن له الخيار لعدم ما يوجب الحكم عليه بالرضا، أو رأى ثوبا فلف في ثوب وبيع فاشتراه وهو لا يعلم أنه ذلك فتح. (قوله: ولا يعرفه) أي الباقي بحر. (قوله: وكذا لو كانا ملفوفين إلخ) في البحر عن الظهيرية: لو رأى ثوبين ثم اشتراهما بثمن متفاوت ملفوفين فله الخيار؛ لأنه ربما يكون الأردأ بأكثر الثمنين وهو لا يعلم. ا هـ. أي بأن اشترى أحدهما بعينه بعشرة والآخر بعينه بعشرين مثلا فإنه لا يعلم وقت الشراء أن الذي قابله العشرون جيد أو رديء، أما لو شرى أحدهما بعشرين ولم يعينه فسد البيع لجهالة المبيع، ولو اشترى كل واحد بعشرة فلا خيار له؛ لأنه عالم بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء حيث سوى بينهما في الثمن؛ لأنه دليل تساويهما في الوصف فيكون عالما بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء ذخيرة. وبه علم أن علة الخيار في الأولى هي جهل وصف المبيع وقت الشراء وإن تبين أن الثمن الأدنى للأعلى، فافهم. وأيضا فيه احتمال دخول الضرر على المشتري فيما لو ظهر الأحسن معيبا وكان ثمنه أقل فإنه يرده على البائع بالثمن الأقل ويبقى عليه الأدنى بالثمن الأعلى. (قوله: ولو سمى إلخ) هذا تفصيل لمسألة الثوبين الملفوفين المذكورة في الشرح كما ظهر لك مما نقلناه عن الذخيرة، وقد جعله المصنف تفصيلا لقوله: رأى ثيابا إلخ. والظاهر أن الحكم فيها كذلك. تأمل. (قوله: والقول للبائع إلخ) هذا من تتمة قوله فلا خيار له إلا إذا تغير فكان المناسب ذكره عقبه كما هو الواقع في كثير من الكتب حتى في الهداية والملتقى والكنز والغرر. (قوله: عملا بالظاهر) فإن الظاهر أنه لا يبقى الشيء في دار التغير وهي الدنيا زمانا طويلا لم يطرقه التغير. قال: محمد أرأيت لو رأى جارية ثم اشتراها بعد عشر سنين أو عشرين وقال: تغيرت أن لا يصدق؟ بل يصدق؛ لأن الظاهر شاهد له. قال: شمس الأئمة وبه يفتي الصدر الشهيد والإمام المرغيناني فيقول: إن كان لا يتفاوت في تلك المدة غالبا فالقول للبائع، وإن كان التفاوت غالبا فالقول للمشتري. مثاله لو رأى دابة أو مملوكا فاشتراه بعد شهر وقال: تغير فالقول للبائع؛ لأن الشهر في مثله قليل فتح، والمراد التغير بنقصان بعض الصفات كنقص الحسن أو القوة، لا بعروض عيب؛ لأن عروضه قد يكون في أقل من شهر، وبه يثبت خيار العيب. (قوله: لو اختلفا في أصل الرؤية) بأن قال له البائع رأيت قبل الشراء وقال المشتري ما رأيته، وكذا لو قال له رأيت بعد الشراء ثم رضيت، فقال: رضيت قبل الرؤية كما في البحر. (قوله: لأنه ينكر الرؤية) أي وهي أمر عارض والأصل عدمه. وبقي ما لو رأى النموذج وهلك ثم ادعى مخالفته للباقي وقدمنا بيانه. (قوله: في بيع بات) كذا في النهر والفتح. والظاهر أنه أراد به اللازم وهو ما لا خيار فيه بقرينة المقابلة، ولذا قال: ح: الظاهر أن الرد فيه بالإقالة. ا هـ. فافهم. (قوله: والفرق) أي بين ما القول فيه للمشتري وما القول فيه للبائع من الخيارات الثلاث، وبيانه ما في الفتح والنهر أن المشتري في الخيار ينفسخ العقد بفسخه بلا توقف على رضا الآخر بل على علمه وإذا انفسخ يكون الاختلاف بعد ذلك في المقبوض والقول فيه للقابض ضمينا كان أو أمينا كالغاصب والمودع، وفي العيب لا ينفرد لكنه يدعي ثبوت حق الفسخ فيما أحضره والبائع ينكره والقول قول المنكر. ا هـ. ثم اعلم أن هذا في الاختلاف في المردود عند الفسخ، أما لو اختلفا في تعيين ما فيه خيار الشرط عند الإجازة ممن له الخيار، فقد ذكره في البحر عن الظهيرية وقدمنا حاصله قبيل هذا الباب. (قوله: اشترى عدلا) بكسر العين هو أحد فردتي الحمل. (قوله: من متاع) هو ما يتمتع به من ثياب ونحوها، وهذا من القيميات، ولم أر من ذكر المثليات من مكيل وموزون. والظاهر أنه لا فرق بينهما في هذا الحكم لأنه إذا كانت العلة تفريق الصفقة فهو غير جائز في المثلي أيضا كما قدمناه أول البيوع عند قوله كل المبيع بكل الثمن وسيأتي حكم الرد بالعيب في المثليات في الباب الآتي عند قوله أو كان المبيع طعاما فأكله أو بعضه. (قوله: ولم يره) قيد به ليمكن تأتي خيار الرؤية فيه ولا ينافيه ذكر خيار العيب والشرط؛ لأنهما قد يجتمعان مع خيار الرؤية. فافهم. (قوله: أو لبس) أي حتى تغير كافي الحاكم. قال: الخير الرملي: وكذا لو استهلكه أو هلك أو كان عبدا فمات أو أعتقه كما صرح به في التتارخانية. ا هـ. وفي الحاوي: اشترى أربعة برود على أن كلا منها ستة عشر ذراعا فباع أحدهما ثم ذرع البقية فإذا هي خمسة عشر فله رد البقية. (قوله: بعد القبض) قيد به في الجامع الصغير، وكأن المصنف استغنى عنه بقوله باع؛ لأن ما لم يقبض لا يصح بيعه ولا هبته نهر: أي لا يصح بيعه لو منقولا، بخلاف العقار. وأفاد أنه قبل القبض لا فرق بين الخيارات الثلاث في أنه لا يرد الباقي كما يعلم مما يأتي. (قوله: رده) أي الباقي من العدل. (قوله: الأصل أن رد البعض) أي بعض المبيع كرد باقي العدل ورد أحد الثوبين فيما لو رأى أحدهما ثم رأى الآخر في مسألة المتن المارة وأمثال ذلك. (قوله: يوجب تفريق الصفقة) أي تفريق العقد، بأن يوجب الملك في بعض المبيع دون البعض، وقدمنا أول البيوع ما يوجب تفريقها وعدمه، وسمي العقد صفقة للعادة في أن أحد المتبايعين يصفق كفه في كف الآخر. (قوله: يمنعان تمامها) فإن خيار الرؤية مانع من التمام، أما خيار الشرط فإنه مانع ابتداء لكن ما يمنع الابتداء يمنع التمام، وأطلقه فشمل ما قبل القبض أو بعده وذلك؛ لأن له الفسخ بغير قضاء ولا رضا فيكون فسخا من الأصل لعدم تحقق الرضا قبله لعدم العلم بصفات المبيع ولذا لا يحتاج إلى القضاة أو الرضا كما في الفتح. (قوله: وخيار العيب يمنعه) أي يمنع تمام الصفقة قبل القبض، ولذا يفسخ بقوله رددت، ولا يحتاج إلى رضا البائع ولا إلى القضاء، ولا يمنعه بعده ولذا لو رده بعده لا ينفسخ إلا برضا البائع أو بحكم. (قوله: وهل يعود خيار الرؤية إلخ) أي بأن عاد الثوب الذي باعه من العدل أو وهبه بسبب هو فسخ محض كالرد بخيار الرؤية أو الشرط أو العيب بالقضاء أو الرجوع في الهبة، فهو أي مشتري العدل على خياره فله أن يرد الكل بخيار الرؤية لارتفاع المانع من الأصل وهو تفريق الصفقة، كما ذكره شمس الأئمة السرخسي. وعن أبي يوسف لا يعود؛ لأن الساقط لا يعود كخيار الشرط إلا بسبب جديد وصححه قاضي خان، وعليه اعتماد القدوري، وحقيقة الملحظ مختلفة فشمس الأئمة لحظ البيع والهبة مانعا زال فيعمل المقتضي وهو خيار الرؤية عمله، ولحظه الثاني مسقطا فلا يعود بلا سبب، وهذا أوجه؛ لأن نفس التصرف يدل على الرضا ويبطل الخيار قبل الرؤية وبعدها فتح. وادعى في البحر أن الأول أوجه، ورده في النهر. (قوله: ليس للبائع مطالبته بالثمن قبل الرؤية) لعدم تمام العقد قبلها. (قوله: فلهما الخيار) أي باعتبار أن كلا منهما مشتر للعين التي باعها الآخر. (قوله: لم يبطل البيع في الجارية بحصة الألف) أي بل يبطل بحصة العبد، فإن كانت قيمته خمسمائة مثلا بطل البيع في ثلث الجارية وبقي في حصة الألف وهي الثلثان منها. (قوله: لما مر أنه لا خيار في الدين) أي مر أول الباب في قوله فليس في ديون ونقود إلخ، وإذا لم يكن له خيار في الألف يبقى البيع لازما من الجارية بقدر الألف. (قوله: ثم يبيع الثوب مع الضيعة) أي ويسلمهما للمشتري لتتم الصفقة. (قوله: ثم المقر له يستحق الثوب) أي بإقامة البينة على إقرار البائع. والظاهر أن هذا مبني على القول بأن الإقرار يفيد الملك للمقولة، أما على المعتمد من عدمه فلا يحل ذلك ديانة فالأظهر في الحيلة أن يبيع الثوب لإنسان ثم يبيعه من الضيعة. تأمل. (قوله: للزوم تفريق الصفقة) لأنه لما قبض الثوب والضيعة. تمت الصفقة، وتفريقها بعد التمام لا يجوز، بخلاف ما لو قبض أحدهما دون الآخر ثم استحق أحدهما له الخيار لتفرقها قبل التمام كما في الفتح. وفي الدرر من فصل الاستحقاق: ولا يثبت له خيار العيب هنا؛ لأن استحقاق الثوب لا يورث عيبا في الضيعة، بخلاف ما إذا كان المعقود عليه شيئا واحدا مما في تبعيضه ضرر كالدار والعبد فإنه بالخيار، إن شاء رضي بحصته من الثمن، وإن شاء رد وكذا إذا كان المعقود عليه شيئين، وفي الحكم كشيء واحد فاستحق أحدهما كالسيف بالغمد والقوس بالوتر فله الخيار في الباقي. ا هـ. (قوله: إلا في الشفعة) ليس على إطلاقه؛ لأن الشفيع لو أراد أخذ بعض المبيع وترك الباقي لم يملك ذلك جبرا على المشتري لضرر تفريق الصفقة، وكذا لو كان المبيع دارين في مصرين بيعتا صفقة واحدة ليس لشفيعهما أخذ إحداهما فقط إلا على قول زفر، قيل: وبه يفتى. أما لو كان شفيعا لإحداهما له أخذها وحدها إحياء لحقه كما سيأتي في بابها إن شاء الله - تعالى -. ففي الفرع الأخير تفريق الصفقة للضرورة، وهذا هو المراد من قول الشارح في آخر الشفعة: لو كانت دار الشفيع ملاصقة لبعض المبيع كان له الشفعة فيما لاصقه فقط ولو فيه تفريق الصفقة. ا هـ. فالمراد ببعض المبيع إحدى الدارين كما قيده محشي الأشباه وغيره، بخلاف الدار الواحدة والعلة ما ذكرنا، فافهم. (قوله: شرى شيئين) أي قيميين، وهذه المسألة سيأتي تفصيلها في الباب الآتي. (قوله: لما مر) أي قريبا من أن خيار العيب يمنع تمام الصفقة قبل القبض لا بعده. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
|